خطوات تحليل وتحديد الاحتياجات التدريبية للموظفين في الشركة


تعتبر وظيفة التدريب والتطوير من الوظائف المحورية في قسم إدارة الموارد البشرية وركيزة مهمة من ركائز تحسين وتطوير الأداء وما ينتج عنه من تحسين الإنتاجية وأيضا انخفاض معدلات الدوران الوظيفي، لكن الحال أن في معظم الشركات في البلدان العربية يعتبر التدريب عملية كمالية وليست ضرورية، فمتى ما توفر فائض في السيولة المالية للشركة فكرت إدارتها بتوفير برامج تدريب لموظفيها ، وان لم تتوفر فالتدريب من اول الوظائف التي يتم تجاهلها او إلغائها.

في الواقع فإن التدريب هو عملية متكاملة من مجموعة إجراءات ولها العديد من الأهداف التي تصب جميعها في مصلحة الشركة وفائدتها، لذلك فالتدريب عملية كأي عملية أخرى لا غنى عنها في إدارة الشركة.
ولتصميم برنامج تدريبي فعال وناجح فإنه ينبغي أن يصاغ بشكل صحيح طبقا لمتطلبات الشركة ذاتها ، وأدناه خطوات تصميم برنامج تدريبي مثالي ومتكامل:


أولاً: تحديد الأهداف التدريبية

يقصد بأهداف التدريب، النتائج المرجو تحقيقها من خلال تنفيذ البرنامج التدريبي، وهذه النتائج يتم تحديدها وتصميمها مقدماً، وهي توضح بطبيعة الحال ما يراد تغييره في مستويات أداء الموظفين وسلوكياتهم وتطوير مهاراتهم ومعارفهم والتي على أساسها يتم تصميم البرنامج التدريبي.

وكمثال على أهداف التدريب نذكر التالي:
  • تحسين اجادة الموظفين للّغات الأجنبية المعتمدة في الشركة (على سبيل المثال اللغة الإنجليزية) الى جانب اللغة الأم أو اللغة المحلية.
  • تطوير مهارة بعض الموظفين على استخدام برنامج حاسوبي معين.
  • تطوير قدرة ومهارة موظف معين على قيادة الفريق.

ثانياً: تحديد المهارات المستهدفة

بعد أن تم تحليل وتحديد الاحتياجات التدريبية، وتحديد الأهداف من التدريب كما مر أعلاه، تأتي مرحلة تحديد المهارات الملائمة لهذه الاحتياجات، والتي سيعمل البرنامج التدريبي على إكسابها للموظفين المشمولين بالتدريب، وهذه المهارات على سبيل المثال:
  1. مهارات التفاوض والإقناع
  2. مهارات القيادة واتخاذ القرارات
  3. مهارات كتابة التقارير والمراسلة بالبريد الالكتروني
  4. المهارات اللغوية تحدثاً وقراءةً وكتابةً
  5. مهارة إدارة الوقت
وغيرها من المهارات الفنية والإدارية التي ترى إدارة الشركة او إدارات الأقسام ضرورة توافرها لدى الموظفين لإجادة وظائفهم وتحسين انتاجيتهم

ثالثاً: تحديد المادة التدريبية

يقصد بالمادة التدريبية المعلومات والحقائق والمفاهيم والامثلة والنماذج التي تشرح موضوعاً معيناً، ويتوقف نجاح البرنامج التدريبي الى حد كبير على مدى توافق المادة التدريبية مع احتياجات المتدربين، لذلك فانه من الضروري ان يحتفظ المسؤولون عن التدريب بمناهج كاملة لمجالات التدريب الأساسية في الشركة ، كذلك يراعى ان يتم تحديث تلك البرامج بشكل مستمر لضمان فعالية تلك المحتويات في تلبية احتياجات تدريبية متطورة.

ويتطلب إعداد محتوى برامج التدريب مهارات خاصة قد تتوافر او قد لا تتوافر لدى إدارة التدريب في الشركة، ومن الممكن الاستعانة ببعض الخبراء الخارجيين لتصميم محتويات برامج التدريب، وفي جميع الأحوال فانه من الضروري ان تكون اهداف برامج التدريب واضحة حتى يتم الحكم على مدى جودة محتوى البرنامج التدريبي.

رابعاً: تحديد أسلوب التدريب

بعد تحديد المادة التدريبية المناسبة يتم تحديد الأسلوب الملائم لإجراء عملية التدريب، لكن على الرغم من تعدد الأساليب التي يمكن استخدامها في مجال التدريب إلا أنه من المهم جدا الأخذ في الاعتبار أن هذه الأساليب ليست بدائل لبعضها البعض وانما كل منها يستخدم في ظل ظروف وشروط معينة وبصفة عامة فإن اختيار أسلوب التدريب يعتمد على عدد من المعايير أهمها:
  • أهداف التدريب.
  • طبيعة الوظيفة التي سيتم تدريب شاغلها.
  • المستوى الوظيفي للمتدربين المستهدفين.
  • المادة التدريبية.
  • مستوى التدريب
  • فترة التدريب.
  • التكاليف وعدد المتدربين.
  • جهة التدريب والمدربون المتاحون

و من أساليب التدريب التي يمكن استخدامها لتحقيق الأهداف التدريبية، نذكر نوعان اساسيان للتدريب هما :
1- التدريب التقليدي
2- التدريب العملي

1- التدريب التقليدي
يهدف هذا النوع من التدريب الى تزويد المتدربين بالمعارف والمعلومات المختلفة لموضوع التدريب والنظريات المستخدمة في فهم مجال التدريب ، ويتضمن التدريب التقليدي عدة وسائل أهمها :
أ- الدورات التدريبية
ب- التعليم عن بعد
ت- الأساليب السمعية والمرئية

 

أ- الدورات التدريبية :
يكون التدريب بهذا الأسلوب بشكل أساسي من خلال محاضرات يلقيها المدرب على المتدربين، ويسمح المدرب للمتدربين بطرح الأسئلة وفتح باب المناقشة لتوضيح الجوانب المختلفة لموضوع التدريب، ويمكن في هذا النوع من التدريب الاستعانة بالحالات الدراسية او تمثيل الأدوار، ويعتبر هذا الأسلوب من اكثر أساليب التدريب شيوعا في مجال التدريب والتطوير.

ب- التعليم عن بعد :
يستخدم هذا الأسلوب في الشركات التي توجد لها فروع في مناطق مختلفة ومتباعدة، ومن الممكن في الحالات التي ترغب فيها الشركة بتقديم منتج جديد او سياسة عمل جديدة ان يتم استخدام هذا الأسلوب رغبة منها في تدريب اكبر عدد ممكن من الموظفين من دون الحاجة الى الانتقال المادي الى المقر الرئيسي للشركة. 

يتطلب الاعتماد على هذا الأسلوب استخدام تكنولوجيا متقدمة حتى يمكن عقد مؤتمرات او برامج تدريب لكل الفروع من خلال ( المؤتمرات عن بعد – Teleconferencing) ، لكن يعاب على هذا الأسلوب انعدام الاتصال بين المدرب والمتدرب حيث لا يتحقق الاتصال وجها لوجه بين المدرب والمتدربين في الوقت الذي يعتبر فيه الاتصال بين المدرب والمتدربين احد نقاط نجاح التدريب ، بالإضافة الى احتمال حصول مشاكل تقنية مثل انقطاع او بطء الاتصال.

شاع استخدام هذا الأسلوب بكثرة بعد تفشي وباء كورونا (كوفيد-19) واضطرار معظم الموظفين للعمل من المنزل أو عن بعد ، حتى أصبحت السمة السائدة للتدريب هي التدريب عن بعد، وظهرت الكثير من التطبيقات والبرامج المخصصة لهذا الغرض وتطورت بسرعة وأصبحت توفر الكثير من الخصائص والمزايا التي سهلت عملية التدريب عن بعد وجعلتها عملية فعالة ومنتجة.

ت- الأساليب السمعية والمرئية :
تعتبر الوسائل السمعية والمرئية عنصرا هاما من عناصر التدريب نظرا لكونها تساعد على تحقيق البرنامج التدريبي بشكل مباشر، ومن الوسائل الشائعة الاستخدام في هذا الأسلوب العروض التقديمية والأفلام ومقاطع الفيديو التعليمية وشاشات العرض.

يعاب على استخدام هذا الأسلوب لوحده مسألة عدم وجود الميسر او المدرب الذي يكون وجوده ضروري لإيضاح بعض النقاط او المفاهيم التي قد يتعسر على المتدرب فهمها بمجرد القراءة او السمع ، أيضا وجود المدرب ضروري في حال طلب المتدرب المزيد من الشرح او الايضاح لموضوع معين، لذلك أصبحت هذه الوسائل تستخدم كمعينات او مساعدات تدريبية تثري الأسلوب التدريبي الأساسي المستخدم كأن يكون الدورات التدريبية او التدريب عن بعد، وهذا لا ينفي كون هذا الأسلوب من الأساليب شائعة الاستخدام لوحدها.

2- التدريب العملي
يستخدم هذا النوع من التدريب لتنمية مهارات وظيفية معينة بالإضافة الى ضمان تطبيق هذه المهارات بشكل صحيح ودقيق ويكون هذا بشكل اولي اثناء عملية التدريب، ومن الوسائل التي يمكن استخدامها في هذا النوع ما يلي:
أ- التدريب اثناء العمل
ب- التطبيق العملي

أ- التدريب اثناء العمل :
يتم تدريب الموظفين كمتدربين في هذه الحالة اثناء أداء العمل، ويصلح هذا النوع من التدريب في حالة تدريب الموظفين الجدد على سبيل المثال، ويتطلب استخدام هذا النوع من التدريب تحديداً دقيقاً للشخص المسؤول عن التدريب والمهارات الوظيفية التي يجب تدريب الفرد عليها.

ب- التطبيق العملي :
ان التطبيق العملي هو وسيلة فعالة في التدريب الحديث، ويستخدم التطبيق العملي في التدريب في الوظائف الفنية حيث يتم تطبيق موضوعات التدريب مباشرة في ورش عمل معدة ومجهزة بالأجهزة والمعدات اللازمة لتطبيق العمليات والمهام المطلوبة، أيضا في الوظائف الإدارية يتم استخدام أسلوب التطبيق العملي حيث يحسن من قدرات الموظف على اتخاذ القرار او حل المشاكل بطرق عملية وعلمية ومن المميزات الأساسية لهذا الأسلوب انه يربط بين الدراسة النظرية والواقع العملي.

خامساً: تحديد حجم البرنامج التدريبي

من الضروري ان يتم تحديد عدد برامج التدريب التي يجب تنفيذها لمواجهة الاحتياجات التدريبية التي سبق تحديدها، وهنا تجدر الإشارة الى ان العبرة ليست بعدد البرامج التدريبية التي سيتم تنفيذها فقط، بل بمدى قدرة هذه البرامج على الوفاء بالاحتياجات التدريبية المحددة، ومن هنا فان القرار الخاص بتنفيذ برنامج تدريبي من عدمه يجب ان يؤخذ على أساس مدى مساهمة هذا البرنامج في تلبية الاحتياجات التدريبية المحددة.

سادساً: تحديد تكلفة التدريب

هي عملية تقدير التكاليف المصاحبة للبرنامج التدريبي خلال الفترات القادمة، ومن الممكن ان تتضمن الميزانية التقديرية لتكاليف التدريب بعض عناصر التكاليف مثل:
  1. مكافآت او أجور المدربين او مزودي التدريب
  2. مكافآت او شهادات المتدربين
  3. مصاريف النقل والإقامة
  4. مصاريف الطعام و القرطاسية
  5. تكاليف اعداد المادة التدريبية
في هذه المرحلة يقوم القسم المعني بإعداد وتنفيذ ومتابعة البرنامج التدريبي وهو غالبا قسم الموارد البشرية، يقوم بإعداد ميزانية التدريب من خلال تحديد التكاليف التقديرية لبرنامج التدريب، وتحديد كلفة المتدرب الواحد وكلفة العمليات السابقة والتي تسبق بدء تنفيذ البرنامج التدريبي.

ومن الجدير بالذكر فإن العديد من الشركات تعتبر الإنفاق على التدريب تكلفة غير مبررة وقد يدفع ذلك العديد من الشركات الى تخفيض ميزانيات التدريب اذا ما دعت ظروف الشركة الى تخفيض الانفاق.

الا انه في الوقت الحالي وتحديدا في الشركات الكبيرة والرصينة فإن الانفاق على التدريب اصبح يعتبر استثمارا طويل الاجل في الموارد البشرية ومن ثم صار لديهم الحفاظ على ميزانيات التدريب امرا ضروريا.

سابعاً: تحديد مصادر التدريب

يمكن للشركة المفاضلة بين مصدرين أساسيين للتدريب، هما المصادر الداخلية والمصادر الخارجية، ويتوقف الاختيار بين المصدرين السابقين على عدة اعتبارات منها التكلفة والوقت والتخصص والجودة.

تسعى العديد من الشركات الكبرى الى امتلاك مراكز التدريب الخاصة بها لضمان اعداد وتنفيذ البرامج التي تتناسب مع احتياجاتها الفعلية، الا ان القليل من تلك الشركات يمكن ان تكتفي ذاتيا في هذا المجال، بل يمكن لتلك الشركات ان تستكمل برامجها التدريبية من خلال جهات خارجية.

وسواء كان التدريب داخليا او خارجيا فإنه يلزم على الشركة الحرص على اختيار او تعيين المدربين الأكفاء وذوي القدرة على إيصال المعلومة والمعرفة بأفضل صورها الى المتدربين.

لذلك ينبغي العمل بالشروط التالية لاختيار المدرب بشكل صحيح ومناسب:
  • ضرورة امتلاك المدرب الخبرة والمعرفة بالمجال الذي يقوم بالتدريب فيه.
  • ضرورة توفر الإدراك لدى المدرب لاحتياجات المتدربين أثناء عملية التدريب.
  • توفير المكافآت والحوافز المادية والمعنوية المناسبة للمدربين لتوفير الرغبة والحماس لديهم لزيادة اهتمامهم وإيمانهم بالتدريب وموضوعه (في حال كان التدريب داخلي).
  • لتسهيل عمل المدربين وضمان كفاءة وجودة عملية التدريب يجب توفير جميع المستلزمات اللازمة لذلك.
  • الشخصية القوية للمدرب وقدرته على مواجهة الآخرين وثقته بنفسه كبيرة.
  • أن تكون لديه القدرة على التفكير الإبداعي والإبتكاري في مجال تخصصه ومحاولة تطبيق الأفكار.
  • توفر الصبر والمرونة في المدرب.

ثامناً: تحديد وقت التدريب

تشمل الاحتياجات التدريبية من حيث الوقت جانبين أساسيين هما : 
  • مدة البرنامج التدريبي.
  • توقيت البرنامج التدريبي.
فأما مدة البرنامج التدريبي فتختلف من برنامج الى اخر حسب المستوى الإداري او الهدف من البرنامج، وبصفة عامة فانه يصعب تحديد الأساس الذي يمكن الاعتماد عليه لتحديد مدة برنامج تدريبي معين، ويلاحظ في الواقع العملي ان هناك تباينا كبيرا في مدد البرامج التدريبية، فبعضها يمتد ليوم تدريبي واحد وبعضها قد يمتد الى أسبوع تدريبي او عدة أسابيع واحيانا قد يمتد البرنامج لعدة اشهر.

اما بالنسبة لتوقيت البرنامج التدريبي فانه يمثل عنصرا هاما من عناصر نجاح العملية التدريبية، فلا شك ان اختيار التوقيت المناسب يضمن الى حد كبير تعاون الإدارات المختلفة مع إدارة التدريب.

تاسعاً: تحديد مكان التدريب

قد يتم تنفيذ البرنامج التدريبي داخليا في الشركة، وهو ما يعرف بالتدريب الداخلي وهنا يتولى قسم أو وحدة التدريب التابع لإدارة الموارد البشرية في الشركة أو مركز التدريب الخاص بها مسؤولية تنفيذ البرنامج التدريبي.

وقد يتم تنفيذ البرنامج التدريبي خارجيا في مراكز او شركات تدريب متخصصة وهو ما يعرف بالتدريب الخارجي، وبصفة عامة فإن اختيار المكان الملائم لتنفيذ البرنامج التدريبي يأخذ عاملان أساسيان في الإعتبار هما:

1- مدى قدرة الشركة على توفير المدربين الداخليين و وسائل التدريب كوسائل الايضاح والمساعِدات التدريبية التي تساعد على إيصال المعلومات والمعارف الى المتدربين بشكل تام، وكذلك توفير القاعات المناسبة للتدريب والمواد والمناهج العلمية الرصينة للتدريب.

2- مدى توفر مراكز و شركات تدريب خارجية، ومستوى إمكانيات هذه المراكز والظروف التي تهيئها للتدريب وأيضا كفاءة مدربيها و وسائل وأساليب التدريب المتاحة لديها فضلا عن الإشراف والمتابعة الجيدة للبرامج التدريبية وضمان جودة المخرجات.

نموذج الاتصال

إرسال

إبحث في الموقع